يأمل الأميركيون في التوصّل إلى اتفاق سريعاً، بما يضمن لهم تهدئة توترات وأزمات لا تفتأ تتفاقم يوماً بعد آخر
ويبدو سعي نتنياهو إلى عرقلة أي صفقة محتملة، «مفهوماً»، إذ إن «صفقة التبادل السابقة، والتي استُقبلت بالسرور والرضى من قبل الجمهور، هزّت ائتلاف نتنياهو»، وفق ما رأى الصحافي الإسرائيلي، أوري مسغاف، في مقال في «هآرتس». وأشار مسغاف إلى أن «نتنياهو هو من قام عملياً بتخريب النبضة السادسة والأخيرة في الصفقة (الماضية) مع إلقاء التهمة على حماس، وبعد ذلك صمّم على عدم السماح بإجراء أي صفقة أخرى تتضمن وقف القتال في غزة»، مضيفاً أنه «هكذا تمّت التضحية بالمخطوفين على مذبح حكمه». والآن أيضاً، يبدو أن نتنياهو سيستمرّ في عرقلة الوصول إلى صفقة، لأنها ستلزمه بإنهاء الحرب - وهو ما يتجنّبه بكل حيلة ممكنة -، وستهزّ ائتلاف حكومته، حيث يرفض حلفاؤه من المتطرّفين، وخصوصاً وزيرَي المالية والأمن القومي، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، أي صفقة، ويلوّحان بفرط عقد الائتلاف كلّما لاح تقدّم في أفق المفاوضات. كما أن عدم الذهاب نحو صفقة، يزيد من الشرخ القائم بين أعضاء «كابينت الحرب»، الذين باتوا جميعهم يسعون إلى تفادي تهمة العرقلة، وخصوصاً أمام تصاعد تحرّكات عائلات الأسرى والمتضامنين معها، ويفضّلون أن يتحمّل نتنياهو وحده عبء تفجير المفاوضات. لكن نتنياهو لا يزال يؤثر اهتزازاً عميقاً في «كابينت الحرب»، على انهيار الائتلاف الحكومي، وهو بهذه الطريقة يحتفظ لنفسه برئاسة الحكومة، ويضعف خصمه بني غانتس، الذي يظهر أكثر فأكثر، كشخص ضعيف يحمل عقدة جلوسه في «كابينت الحرب»، من دون أن يكون له تأثير كافٍ هناك، وإذا ما خرج منه أضحى بلا تأثيرٍ أبداً.
من ناحيتهم، يأمل الأميركيون في التوصّل إلى اتفاق سريعاً، بما يضمن لهم تهدئة توترات وأزمات لا تفتأ تتفاقم يوماً بعد آخر، وخصوصاً داخل الولايات المتحدة، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. وعلى رغم أن الأميركيين لا يمانعون شكلاً من أشكال العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، إلا أنهم يخشون تداعياتها على الرأي العام العالمي، والأميركي بشكل خاص، وعلى الوضع الأمني في المنطقة بشكل عام. ولذا، قرّر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تقريب موعد زيارته لإسرائيل، والتي كانت مقرّرة نهاية الأسبوع المقبل، إلى يوم الثلاثاء. وفي هذا السياق، أشار مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إلى «الجهود الجديدة من قبل مصر وقطر وإسرائيل لإيجاد طريقة للمضي قدماً في المحادثات». وأعرب سوليفان عن «قلقه العميق» بشأن اقتراب عملية عسكرية كبيرة في رفح، قائلاً: «ليس من الواضح لنا ما إذا كانت هناك خطة إسرائيلية ذات مصداقية وقابلة للتنفيذ بشأن رفح».